الحمد لله، وبعد/
فإن من نعم الله علينا هذه المساجد، وإقامة الصلاة فيها جماعة قال الله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ*رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور:36-37].
ويقول الله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [التوبة:18].
فإنتشار المساجد في ربوع هذه البلاد المباركة نعمة كبرى ومنحة عظمى تستحق منا الشكر، ومن شكر الله تعالى على هذه النعمة أن نقوم بالدور المنشود فيها، خاصة في وقت الفتن وتلاطم المحن، فالمساجد منذ إنطلاق الدعوة المحمدية كانت هي نقطة البداية، ومن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج القادة والعلماء والعظماء، فالمسجد هو القلب النابض لدى المسلمين، ومحركهم إلى حمل الدعوة، ونشر العلم والتوحيد، وتوجيه الناس بالأسلوب الأمثل، والوسيلة الأفضل، ونحن الآن بأمس الحاجة إلى بعث وإحياء رسالة المسجد من جديد.
الجهود مبذولة لكن لا توازي حجم المعركة الدائرة اليوم، مما يستدعي منا جميعاً الإستنفار التام لإحياء رسالة المسجد والتي من خلالها نحافظ على ثوابتنا وأعراضنا، ولذا أوصي الأئمة والخطباء بما يلي:
=أولاً: الإهتمام بالخطبة، وأن تعالج قضايا المجتمع التي تدور في الساحة بطرح علمي متزن، وأن يطور الخطيب نفسه من جهة الإعداد والإلقاء قدر المستطاع، وأن يستعين ببعض طلاب العلم للإستفادة منهم في إختيار الموضوعات المهمة وكيفية طرحها وعلاجها.
=ثانياً: العناية بما يقرأ بعد صلاة العصر، فكثير من الأئمة يقرأ في رياض الصالحين، وهذا حسن لكن إذا حصلت قضية في المجتمع كقضية الإختلاط والتهوين من صلاة الجماعة ونزول الأمطار وبركان أيسلندا ونحو هاتيك الموضوعات فيحسن بالإمام أن يحضر كتاباً آخر يقرأ فيه كلام العلماء في الموضوع، لبيان الحجة، وكشف الإلباس، وتوضيح الحقائق لعامة المسلمين ولله الحمد، فتاوى علماء اللجنة الدائمة مطبوعة، ومحل ثقة عامة المسلمين، فحبذا الرجوع إليها والاستفادة منها للقراءة على جماعة المسجد بعد صلاة العصر فيما يحتاجه من موضوعات، أو الإستفادة مما يكتبه العلماء في مواقع الإنترنت وهي كثيرة جداً.
=ثالثاً: دعوة طلاب العلم والعلماء لإلقاء الكلمات الإرشادية، وليحرص الإمام على تحريك الدعاة والعلماء القريبين من سكنه خاصة في هذا الجانب المهم، وهو كشف وفضح أساليب المنافقين لتغريب البلد.
=رابعاً: عقد لقاء شهري لجماعة المسجد، ودعوة بعض أهل العلم للمشاركة في هذا اللقاء الشهري-قدر المستطاع- لمناقشة ما يدور في الساحة، وبيان خطر التغريب على هذه البلاد، وطرح ما يحتاجه جماعة المسجد من القضايا الشرعية.
=خامساً: توزيع الكتيبات والأشرطة المناسبة على جماعة المسجد التي تتحدث عن الموضوعات الساخنة في البلد.
=سادساً: حث وتشجيع الناس على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. كل في مكانه الذي يعمل به، وأن يُعلم جماعة المسجد أن كل واحد منهم على ثغر في حفظ هذه البلاد من التغريب، فالله الله أن تؤتى هذه البلاد من قبله!!
=سابعاً: حث جماعة المسجد على الكتابة والمشاركة في وسائل الإعلام المختلفة لمن كان مستطيعاً في الحوار والرد والإنكار، فقد يوجد منهم من قلمه سيال، أو صاحب حجة وبيان أو غير ذلك.
هذه بعض الأفكار والمقترحات، والمهم أن يحمل كل واحد منا هم الإصلاح ومدافعة الباطل يقول الله تعالى: {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة:251].
هذا الهم كفيل بإذن الله تعالى بالحركة والهمة والإنطلاقة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بدون كلل ولا ملل ودون أن يخالطه اليأس والإحباط، فإستعن بالله تعالى، أخي الفاضل: ولا تعجز، فالقضية قضية دين وأعراض، فلا تتهاون.
نسأل الله تعالى أن يكلل جهودك بالنجاح والتوفيق، وأن يجعلك مباركاً أينما كنت.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الكاتب: محمد بن عبد الله الهبدان.
المصدر: موقع الدكتور الهبدان.